كانت البلادُ الإسلاميَّة قد توالَت عليها المِحن، وتكالَبَ عليها الأعداء، ومزَّقتها الفُرقة، وتقسَّمت إلى دويلاتٍ وإمارات، يثير الأعداءُ بينها الشِّقاق، ويُطمِعون بعضَ أُمرائها في ولايات الآخرين؛ ليَسهُلَ بعد ذلك على العدوِّ ضربُها جميعًا.
وقد استولى الإفرنج على السَّاحل الشرقيِّ للبحر الأبيض المتوسِّط، وعلى القُدس الشريف، وما أشبهَ الليلةَ بالبارحة!
في هذه الأيَّام العصيبة، والبَليَّة الأكيدة، وُلِد بطلٌ صارَ له دَويٌّ في الدنيا، فملأ الأسماع، وتمَّ على يده إنقاذ المسجد الأقصى، وقهرُ الصَّليبيين، حتى تحطَّمت آمالُهم ورضُوا من الغنيمةِ بالإياب، بعد حروبٍ استمرَّت حَوالي ربع قرنٍ من الزمان.