تيسير الفتاوي من تحرير الحاوي

الإمام القاضي شرف الدين ابن البارزي، ذو الأصل الأصيل، والمجد الأثيل، اشتغل بالعلم منذ صغره، وأخذ عن جماعة من علماء زمانه، منهم الإمامُ ابن مالك، وله نَظَمَ « الألفية » في علم النحو والصرف، والإمامُ النووي، وأثنى عليه وقال: ( ما في البلاد أفقه من هذا الشاب ).

اشتهرت مؤلفاته في حياته بخلاف العادة، ورُزِق في تصانيفه وتآليفه السعادة، فأتى بما بهر العقول، وشحنها بنوادر المستنبطات وغرائب النقول.

وكتابه « تيسير الفتاوي من تحرير الحاوي » وضَعَه على كتاب « الحاوي الصغير » للإمام عبد الغفار القزويني، فذَكَر فيه مسائلَه، وأوضحه ببسطِ عباراته المشكلة، وتفصيلِ ألفاظه المجملة، وذكرِ المحتاج إليه من القيود والأمثلة، وإظهارِ الضمائر والعطوف والمتعلقات المعضلة، مع الاختصار والمحافظة على ترتيبه ولفظه إذا كان واضحاً؛ ليكون كتاباً مختصراً وشارحاً.

مِنَ « التَّيْسيرِ » صَارَ الفِقْهُ يُسْرا يُزِيلُ نَكارَةَ « الحاوي » وعُسْرا

جَزى اللهُ الكَريمُ جَزاءَ خَيْرٍ لِصاحِبِهِ، وللأَعداءِ خُسْرا

هذا؛ وقد كان الإمام ابن البارزي مشتهراً عنه كثرة الاعتناء بـ « الحاوي الصغير » ، عارفاً بمشكلاته، وخفايا عباراته، وله عليه غير مؤلَّف، وقال فيه الإمام المؤرِّخ ابن حبيب الحلبي: ( كان عارفاً بمشكلات « الحاوي » ، وله عليه شرح يفيد السامع والراوي ).

ولما يسر الله تعالى لدار المنهاج إخراج « الحاوي الصغير » .. كان لزاماً عليها أن تتبعه بشرح تقَر به العيون، وتنشرح به الصدور، فجاء هذا الشرح النفيس، يزدان بثوب التحقيق والتدقيق، بعد مراجعته على أصح النسخ الخطية وأتمها، مع عرضه على أصله « إظهار الفتاوي من أغوار الحاوي » للشارح نفسه، حتى غدا يرفل بطيب المخبَر مع حسن المظهَر، نسأل الله الكريم أن يكتب له القبول والنفع؛ إنه سميع قريب مجيب.

والحمد لله رب العالمين