هو ثالث أشهر الكتب والمتون المختصَرة في فروع فقه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، يأتي بعد كتابَيِ «التنبيه» للإمام الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، و«منهاج الطالبين» للإمام الربَّاني النووي رحمهما الله تعالى.
كثُرت أقوالُ الأئمة المادحين فيه، وثناءاتُ العلماء الراسخين عليه، حتى قيل: لم يُؤتَ قبلَه بمثاله، ولم يُنسَج بعدَه على منواله؛ وذلك لأنه حسَنُ الاختصار والإيجاز، وجيزُ الألفاظ غزيرُ المعاني، جامعٌ للمسائل الكثيرة في الألفاظ اليسيرة، فصيحُ الألفاظ والتراكيب، جميلُ الرصف والتهذيب، بليغُ التأليف والترتيب، بديعُ التقسيم والتبويب.
ولذا كثُر اهتمام العلماء به؛ حفظاً، واستحضاراً، وتدريساً، ومدارسةً، وإقراءً، وحثّاً على الاشتغال به، ونَسخاً لمخطوطاته، وروايةً بالسند المتصل إلى مؤلِّفه الإمام النجم القزويني رحمه الله تعالى.
حتى إنه خُدم خدماتٍ جليلة؛ فشُرِح، وحُشِّي عليه، واختُصِر، ونُظِم، وعُلِّقت عليه التعاليق، ونُكِّتت عليه النُّكت، وصُحِّحت مسائله، وقُورِن بينه وبين غيره... إلى آخر ذلك، وكان مِن أهم مَن نظمه الإمامُ الفقيه الأديب ابن الوردي في (5063) بيتاً، ثم كثُرت الشروح على هذا النظم، وصار عمدةً أيضاً بين العلماء وطلبة العلم.
يحوي الكتاب كلَّ أبواب الفقه، وكثيراً جداً من المسائل الفقهية، فجاء اسماً على مسمّىً، وهو مع أنه أوجزُ متون الفقه الشافعي.. فإنه أكثرُها جمعاً للمسائل أيضاً، وهذا مما يتميَّز به.
ودار المنهاج بإخراج هذا الكتاب المبارك تُتمِّم سلسلة خدماتها لمتون الفقه الشافعي بعد «التنبيه» و«المنهاج»، ومِن مظاهر اهتمامها أن هذا الكتاب يُحقَّق على نُسَخ نفيسة؛ إحداها منسوخة عن نسخة الإمام المصنِّف، وعليها إجازة بخط ولده الإمام جلال الدين محمد رحمهما الله تعالى.
والحمد لله رب العالمين