إن الخُلُقَ هو قوام الحياة الفاضلة، وهو رأس الأمر فيها، وقد أثنى الله على رسوله صلى الله عليه وسلم بمدح خُلُقِهِ العظيم فقال تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم}.
ولقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من أسباب بعثته إتمام مكارم الأخلاق، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».
وإن المكارم غرض موضوع لكل طالب، فمن أمَّ المكارم، وسلك سبيلها.. فلا شك أنه سيدرك أمله، وينال غرضه.
وهذا الكتاب حديقة غَنَّاء لا ترى فيها إلا زرعاً ناضراً ووَرداً عاطراً، ساهم فيه مؤلفه رحمه الله في بناء هذا الكيان الإنساني بما جمع فيه من اختيارات نبوية كريمة؛ انبثق شعاعها من ذلك التأديب الرباني الفريد.
وقد قدَّم لنا أربعين حديثاً نبويّاً من الأخلاق الإسلامية، ومهَّد لذلك بمقدِّمة شيِّقة ومهمَّة ذكر فيها مناهج التأديب وقواعد الأدب.
ثم ذكر في الجانب الأول من الكتاب القواعد العلمية الحِكَمية التي تفرَّد بها المسلمون، ورسموا مناهجَ بهرت عقول من بعدهم؛ فتجد القاعدة المتينة، والبنيان المحكم، والحد الدقيق، والتعريف المنضبط، والدقة المتقنة؛ فتنتقل من حد إلى تعريف، ومن إجمال إلى تفصيل، ومن تنويع إلى تقسيم.
وذكر في الجانب الثاني من الكتاب الأحاديث الأربعين التي اختارها في الآداب والأخلاق الحسان، ثم شرحها شرحاً بيِّناً، نقيّاً من الحشو الممل والإيجاز المخل.
ولنفاسة هذا الكتاب وبديع أسلوبه.. قامت دار المنهاج بنشر هذا السفر النافع لقرائها الكرام في أبهى حلة قالباً ومضموناً.
والله الموفق وبه الإعانة.